هذا أول يوم لنا في مدينة إسطنبول. إستقبلتنا تركيا بالأمطار وتفاءلنا خيرا . إتصلت بـ أيوب المسؤول عن برنامج الرحلة أسئل عن برنامج اليوم الأول،  قال لي بأن البرنامج تم تأجيله بسبب هطول الأمطار بغزارة. 
حسنا، سأضع برنامجا لنفسي، لي مدة وأنا أبحث عن كتابين للدكتور أحمد خيري العمري أحدهما  شيفرة بلال والآخر ليلة سقوط بغداد ، وسمعت أنه يوجد مكتبة بإسطنبول تبيع كتبه، لذا كان البرنامج  هو الخروج من الفندق والذهاب إلى المكتبة للحصول على نسخة من كل كتاب. إنتظرنا في الفندق حتى توقف هطول المطر ، قمت بتعيين عنوان المكتبة على خريطة جوجل،  ثم غادرنا الفندق باحثين عن المكتبة في شوارع اسطنبول.

1

  بما أنه أول يوم لي في تركيا ، لا بد لي من تحويل العملة حتى أستطيع الشراء من المحلات ودخول المطاعم. يوجد الكثير من المكاتب الخاصة بتبديل العملة، والأسعار متطابقة تماما. الأمور منظمة  جدا في هذا الشأن ولا يوجد أثر للأسواق السوداء مثل بعض الدول التي تعرفونها. إسطنبول مدينة جميلة جدا، وورود في كل مكان حتى في أعمدة الإنارة. شاهدت سابقا في شريط وثائقي يتحدث عن تركيا، أن اسطنبول كانت مدينة متسخة ومليئة بالقاذورات، لكن الأمر تغير جذريا ، عندما أصبح أردوغان واليا على المدينة  حيث وضع قرار يقضي  بتجميل المدينة وإنشاء حدائق عامة في مختلف الأحياء. كذلك قام أردوغان بإنشاء مزارع خاصة بالوورود ، يتم إستخدام بعضها في تزيين مدينة إسطنبول والباقي يتم تصديره إلى مختلف دول العالم. ببساطة،  قام بضرب عصفورين بحجر واحد، أولهما حل مشكلة القاذورات ، والثاني إضافة مصدر دخل جديد لتركيا.

3

خلال مسيرنا في شوارع إسطنبول، بدأت الأمطار تهطل من جديد، وهذا آخر ما كنا ننظره لأننا لا نمتلك مظلة. لحظات بعد بداية هطول الأمطار، إنتبهنا إلى إنتشار أشخاص واقفين في الشارع يبيعون مظلات المطر بأسعار معقولة. فكرة تسويقية بإمتياز، أقصد عرض المنتج المناسب في الوقت المناسب  بالسعر المناسب، بيع مظلة مطر عند بداية هطول المطر لمن لا يحمل مظلة  مطر (مثلنا). طبعا، لم نفوت هذا العرض وحصلنا على مظلتنا حتى لاتبللنا الأمطار.

في طريقنا وجدنا هذا المسجد الذي لا أذكر إسمه، صلينا الظهر في هذا المسجد و قمنا بإلتقاط بعض الصور التذكارية.

2
الآن حان وقت الغداء، دخلنا إلى أول مطعم صادفنا بعد خروجنا من المسجد. طلبنا قائمة الطعام والمشكلة هي أن كل شئ باللغة التركية. عائق اللغة هو أحد أهم المشاكل الرئيسية التى تواجه زوار تركيا، ، لأن الأتراك لا يفهمون العربية ولا الإنجليزية. الحل هو الذهاب إلى مطبخ المطعم ثم التواصل بالإشارة مع صاحب المطعم حتى يفهم ما نريد. بالمناسبة ، هذه أول مرة أتناول طبقا من الأرز مسقيا باللوبيا. كأول إنطباع على المطاعم التركية، الأسعار معقولة جدا.

تابعنا مسيرنا بحثا عن المكتبة المنشودة، ووجدناها بعد قرابة ساعتين من المسير، لكننا لم نشعر بالتعب مطلقا. وجدت كتابة شيفرة بلال ، لكن لم أجد كتاب ليلة سقوط بغداد لأنه نفد بسرعة. عدت إلى الفندق، وتبادلت أطراف الحديث مع إسماعيل مسؤول الإستقبال والذي أصبح يذكرني بسبب ما مررنا به خلال أول زيارة لنا للفندق.

في اليوم الثاني، إتصلت بأيوب، حتى أسئل عن البرنامج ، فأخبرني بأن هناك حافلة ستقلنا من الفندق حتى نزور جزر الأميرات والسوق المصري. وصلت الحافلة،  حصلنا على مقعدنا وإنطلقنا متوجهين إلى الميناء الذي تنتظرنا فيه الباخرة. خلال الطريق، رأيت أحد منظمي الرحلة يمر على الركاب واحد واحد ويأخذ منهم المال. وصلني الدور، وطالبني بدفع تكلفة الرحلة إلى جزر الأميرات. أخبرته بأنني قد دفعت تكاليف برنامج الرحلة لمدة أسبوع في الوكالة السياحية التى حجزت عن طريقها. قال لي: ” يجب أن تدفع، كل الأشخاص هنا قامو بالدفع”، رفضت الدفع، وبينما نحن نتجادل حول الأمر كنا قد وصلنا للميناء وكانت الباخرة تهم بالإنطلاق، لذا طلبو منا النزول بسرعة حتى لا تفوتنا الباخرة ويتم الغاء الرحلة. الباخرة كانت مليئة بالناس، لذا هذه كانت فرصة حتى لا ألتقي مع هذا الشخص الذي يطالبني بالدفع مرة أخرى مع أني قد دفعت كل شئ مقدما قبل خروجي من الجزائر.

4
دامت الرحلة ساعة في الباخرة حتى وصلنا للجزيرة. يوجد 9 جزر تسمى الأميرات، ذهبنا نحن إلى أكبرهم. في هذه الجزر يوجد قانون يمنع إستخدام السيارات حتى تبقى الجزر نقية وطبيعية. التنقل يكون بواسطة الحنظور ( عربة يجرها حصان) أو الدراجة الهوائية. صراحة ، لم يعجبني الحنظور لأن سعر إستخدامه للتجول في الجزيرة مرتفع نوعا ما وأيضا بسبب الرائحة الكريهة لأنهم يضعون كيسا خلف الحصان حتى يضع فيه فضلاته ولا تسقط على الأرض حفاظا على نظافة الشوارع. واو ، واو ، واو. قمنا بالتجوال مشيا على الأقدام في الجزيرة. المكان جميل جدا، ويمكنني العيش هنا طول حياتي بدون مشكلة.

5

بعد ساعتين من التجوال، حان وقت ركوب الباخرة والعودة إلى المدينة حتى نزور السوق المصري كما في برنامج الرحلة. المنظمون، أخبرونا بأنه يمكننا التجوال بحرية في السوق، ثم  نلتقي جميعا على الساعة السابعة حتى نرجع الى الفندق. ذهبنا إلى السوق وتجولنا بعض الوقت وأعيننا على الساعة حتى لا نتأخر عن مكان اللقاء ويغادرو من دوننا. السوق المصري يحتوي على محلات الملابس والحلويات التركية والذهب والكثير من الأشياء الأخرى. بعد تبقي 20 دقيقة للإنطلاق عدنا إلى المكان الذي سنجتمع فيه والمفاجآة هي أنه لا يوجد أثر لأي شخص. أخبرتني زوجتي أنهم ربما كانو يقصدون أن نلتقي عند باب السوق، لذا عدنا أدراجنا حتى باب السوق ، لكن لم نجد أحدا هناك أيضا. صراحة  ، لم نعرف ماذا نفعل في هذه اللحظة هل ننتظر هنا حتى تظهر مجموعتنا لكن الظلام قد بدأ يحل ولا أحب أن أبقى تائها في الليل وفي مدينة لا أعرف فيها شيئا. فكرنا في ان نستقل  تاكسي إلى الفندق لكن الجميع يحذر من إستخدام التاكسي في المدن السياحية لأن أسعارهم مبالغ فيها جدا. فكرنا في ركوب الحافلة لكننا لا نعرف  عنوان الفندق. كل ما أعرفه هو ان الفندق يقع مقابلا لمقر بلدية إسطنبول.  توكلنا على الله وذهبنا  إلى محطة الحافلات القريبة من السوق وسؤال الناس عن الحافلة التي تمر من عند مقر بلدية إسطنبول. للأسف، كل من سألناه لا يتحدث العربية أو الانجليزية ولم يستطيعو مساعدتنا. تذكرت أن كلمة بلدية بالتركية لفظها قريب نوعا من العربية، لذا عاودت سؤال من جديد ومحاولة نطق الكلمة جيدا، حتى عثرت على أحد الأشخاص الذي فهم الكلمة وأرشدنا إلى الحافلة المناسبة. في هذه اللحظة قررنا أنه لا بد لنا أن نحمل معنا خريطة لمدينة إسطنبول ونقوم بتعيين مكان الفندق حتى لا نقع في هذا المأزق مرة أخرى. ركبنا في الحافلة وذهبنا إلى السائق حتى نقوم بالدفع لكن رفض وحاول إفهامنا أنه يجب الحصول على بطاقة خاصة بالنقل ثم نقوم بتمرريها على جهاز معلق في الحافلة. نزلنا من الحافلة وحاولنا سؤال الناس عن كيفية الحصول على هاته البطاقة لكن أحد لم يفهم ما نقول. عدنا للحافلة حتى لا تغادر ولم نقم بالدفع. لقد خالفنا القانون، لكننا معذرون على ما أعتقد. وصلنا للفندق و كلي عدم رضا على هاته الشركة منظمة الرحلة، وقررت أني لن أستمر في برنامجها وسأقوم بإنشاء برنامج خاص بنا.

يتبع …