هناك عادة سيئة تؤرقني وهي عادة استعجال النتائج، أقصد بهذا أنني كلما عزمت على القيام بعمل شئ ما أو تحقيق هدف معين، أو الإنطلاق في مشروع جديد، فإني أولا أنظر هل النتائج والثمار ستقطف بسرعة أو ستطول مدة إنتظار حصاد الغلة. إذا وجدت أنها ستستغرق أكثر من شهر (بالنسبة لي 30 يوم مدة كبيرة جدا)، أبتعد عنه وأبحث عن شئ يعطي نتائج أسرع.
أظن أن منكم من يعاني من هاته العادة السيئة، وسأوضح في هذه التدوينة أن الصبر وعدم استعجال النتائج شئ أساسي لتحقيق الأهداف وخاصة الكبيرة منها.
إليكم أولا هذا المبدأ:
بلوغ الأهداف الكبيرة يحتاج جهد وصبر كبيرين.
من أين تعلمنا هذا المبدأ، طبعا من سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، فلقد أمضى سنوات وهو يدعو الناس إلى الإسلام بدون أن يرى أثرا كبيرا لدعوته، حتى كان يشعر بالفتور والإحباط لشدة إعراض قومه عنه، حتى أنزل الله عزوجل عليه آيات تواسيه وتذكره بأن مهمته هي فقط الدعوة، أما النتائج فالله هو من يقرر متى تأتي. قال تعالى: “فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين” وفي آية أخرى ” وما على الرسول إلا البلاغ المبين”
ونفس المثال نجده في قصة سيدنا نوح عليه السلام، فلقد إستمر في الدعوة 950 عاما وأسلم له فقط 50 شخصا من قومه، فهذا يدل على شده صبره طيلة هذه المدة حتى أتاه النصر من عند الله.
استعجال النتائج شئ مفطور في الإنسان، لهذا كان جزاء الصبر كبيرا، لأنه شئ صعب و يعاكس فطرتنا. وهذا ما نجده في هذا الحديث:
عن أبي عبد الله خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا ؟ فقال : ” قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ” . رواه البخاري .
النصر قادم، ولكن يحتاج منا الجهد وعدم استعجال النتائج.
وكذلك نجد في القرءان الكريم العديد من الآيات في القرءان الكريم تتحدث عن الاستعجال، أي أن الانسان يطلب جزاء فوريا على عمله سواء أكان خيرا أو شرا، مثل قوله تعالى عن المشركين “ويستعجلونك بالعذاب”. وقوله تعالى: “خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ“، أي أنه يريد نتائج فورية لعمله.
نعطي مثالا من الحياة على أن الصبر شئ لا بد منه، وأبسط مثال هو عمل الفلاح.  
الفلاح يبدأ أولا بتقليب الأرض، ثم يضع البذور، وبعد ذلك تبدأ عملية  السقي وتعهد النبات بنزع الأعشاب الضارة والطفيلية. يستمر هذا العمل لمدة شهرين أو ثلاثة.  بعد هذه المدة تبدأ عملية جني الثمار. هذا فقط بالنسبة للخضروات فقط، أما عن غرس الأشجار والنخيل فالمدة تصبح أعواما.
فمن كان يستعجل نتائج جهده وعمله، مثله مثل الفلاح الذي يلقي البذور، ثم يأتي بعد يوم يريد جني الثمار، وإذا لم يجد شيئا يغضب وينرفز، ويتوقف عن العمل.
ومثال آخر هو الدراسة والصبر على تحصيل العلم ، فأولا تمضي أعواما في الدراسة وطلب المعرفة، ثم بعد ذلك تحصل على عمل ويبدأ العطاء.
فإذا أن نخرج بشئ من هذا كله، فهو أن تعمل وتبذل الجهد، أن تتوكل على الله عزوجل وتثق بأنه لن يضيع جهدك سدى، ثم بعد ذلك تصبر ولا تستعجل نتائج أفعالك. 
 وتذكر ” إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا”، وهذه الحكمة العظيمة من كتاب إحياء علوم الدين:  يقول 
أبو حامد الغزالي: “كلما عز المطلوب وشرف ، صعب مسلكه وطال طريقه وكثرت عقباته”